الرئيسية » مقالات » مقالاتي

الامام العسكري عليه السلام المحقق لوعد الله



الامام العسكري عليه السلام المحقق لوعد الله

بسم الله الرحمن الرحيم

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

سورة النورآية 55

حديثي عن هذه الآية القرآنية يدور في ثلاث نقاط

النقطة الأولى

حقيقة الوعد

النقطة الثانية

بماذا وعد الله المؤمنين في هذه لآية؟

النقطة الثالثة

الإمام العسكري عليه السلام المحقق لوعد الله

النقطة الأولى

وحقيقة الوعد لها ثلاثة اعتبارات

الاعتبار الأول

لابد ان نعرف ان هناك وعد وهناك وعيد ..الوعد للمؤمنين يعدهم الله بالجنة والثواب , قال تعالى

وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً

سورة النساء آية122

وقال تعالى

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ

المائدةآية9

والوعيد للكافرين والظالمين يعدهم الله النار

قال تعالى

وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ

سورة التوبة آية 68

الاعتبار الثاني

أن الوعد يجب الوفاء به ،والوعيد لا يجب الوفاء به ،بل إن التنازل عن الوعيد والعفو يعد تفضلا من المتوعد، عند المقدرة طبعا

الاعتبار الثالث

الإنسان ربما يعد ولكن تعتريه أمور قاهرة تقف بينه وبين الوفاء بوعده، وأما الله سبحانه وتعالى فلا يخلف الوعد لأنه على كل شيء قدير

قال تعالى

وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ

سورة الروم آية6

النقطة الثانية

وعد الله المؤمنين في هذه الآية بثلاثة أمور

الأمر الأول

الاستخلاف في الأرض بمعنى أن حكومة الأرض ستكون بيد المؤمنين

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ

ومن يشكك في ذلك فليرمي بذاكرته إلى العصور الغابرة ليرى هل ان الله أعطى زمام الأرض بيد المؤمنين؟

الأمر الثاني

التمكين للدين في الأرض بمعنى ان الحاكمية في الأرض تكون بيد الدين الإسلامي

َلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ

وهذا لم يحصل منذ بدئ الدعوة إلى يومنا هذا ..فمتى سيكون ذلك؟

الجواب

عند ظهور ولي الله الأعظم المهدي المنتظر عجل الله فرجه ثير من النصوص الشريفة منها ما جاء في كتاب الفصول المهمة لعلامة المالكية ابن الصباغ أبو داود والترمذي في سننهما يرفعه كل واحد منهما إلى عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أمتي ومن أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً

الأمر الثالث

الأمان كما قال تعالى

وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا

وهذا الأمان لا يكون إلا في دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه لأنها أمان واستقرار لأهل الولاية وخوف ورعب لأهل الغواية

النقطة الثالثة

علينا ان نعرف أيها الأحبة ان الإمام عليه السلام كان يعيش في عصر يهيمن الأتراك وذلك لأن حكام بني العباس كانوا لا يطمئنون إلى العرب مخافة ان يزاحموهم على الملك فكانوا يجلبون الأتراك لدرء الخيانة التي يحتملونها من العرب .. هكذا كان تصورهم ، وإذا بالأتراك يهيمنون على الدولة الإسلامية فيكون زمام الدولة بأيديهم، فهم الذين ينصبون ويعزلون كما قال الشاعر

خليفة في قفص بين وصيف وبغا ** يقول ماقالوا له كما تقول الببغا

وقد عاث العسكر الأتراك فسادا في بغداد مما حدا بأهل بغداد ان يقفوا في وجه المعتصم العباسي وقالوا له اما أن تخرج بجنودك والا نرميك بسهام الليل

فقال وما سهام الليل؟

فقالوا ندعوا عليك في الخلوات

فقال هذه جيوش لا قدرة لي بها ولا طاقة لي على دفعها، فخرج بجنده حتى وصل إلى سامراء

فاستطاب هوائها فنزل بها، وأمر أن تكون معسكراً لجيوشه وجنوده من الأتراك المرتزقة، وكان ذلك في سنة مئتين وإحدى وعشرين للهجرة

لكنه رأى بأن وجود الإمامين عليهما السلام في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله يشكل خطرا على ملكه فأمر بنقلها جبرا من مدينة الرسول صلى الله عليه وآله إلى منطقة العسكر بسامراء تحت الإقامة الجبرية ، وعندها الشّيعة والمحبّون لا يستطيعون التردّد عليه والاتّصال به بسهولة

وبالفعل كان بعض الشّيعة يصل أحياناً إلى دارالإمام بمساعدة بعض العلويّين، كما نقل صاحب كتاب كشف الغمّة و كان العباسيون يهدفون بوضع الإمام في محلة العسكر لعدة أهداف دنيئة

منها

الحيلولة بين الناس والإمامين عليهما السلام

ومنها

ان العسكر لا يعرفون شيئا من الإيمان والتقوى فهم خليط من المنحرفين المرتزقة ،وبذلك يصعب تعامل الإمام معهم والتأثير فيهم

وإذا ببوادر الصلاح بدأت تظهر على قطاعات كبيرة من العسكر متأثرة بشخصية الإمامين الهاديين عليهما السلام

وعندها رأى الحاكم العباسي انه لابد من اعتقال الإمام العسكري وزجه في السجن وبالفعل أودع في سجن علي ابن اوتاش ، وقد كان ناصبيا مبغضا لأهل البيت عليهم السلام فما كانت الا أيام وإذا به تأثر بالإمام فصار مواليا ومحبا لأهل البيت عليهم السلام

وكان الإمام العسكري عليه السلام يواجه باستمرار اضطهاد الحكومة ورقابتها، وفي إحدى المرّات أُرسل الإمام إلى سجن صالح بن وصيف اثناء حكومة المهتدي، فقالوا له ضيّق عليه ولا توسّع، فقال لهم صالح

ما اصنع به وقد وكلّت به رجلين شرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصّلاة والصّيام إلى أمر عظيم، ثمّ أمر بإحضار الموكّلين فقال لهما

ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرّجل؟ فقالا

ما نقول في رجل يصوم النَّهار ويقوم الّليل كلّه لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا

الارشاد للمفيد، ص324، مهج الدعوات، تأليف السيد بن طاووس، ص274، البحار، ج50، ص330

وقد سجن الامام ايضا وفي مرّة أخرى سُلّم أبو محمّد عليه السلام إلى نحرير وهو سجان آخر وكان يضيّق عليه ويؤذيه، فقالت له امرأته اتّق الله فانك لا تدري من في منزلك وذكرت له صلاحه وعبادته وقالت له أنّي أخاف عليك منه، فقال: والله لأرمينّه بين السّباع ثمّ استأذن في ذلك فأذن له فرمى به اليها ولم يشكّوا في أكلها له، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال فوجدوه عليه السلام قائماً يصلّي وهي حوله فأمر بإخراجه إلى داره

الإرشاد للمفيد، ص324 ـ 325

وهكذا يكون الإمام محققا لوعد الله ممهدا لدولة الحق التي سيكون على رأسها الإمام المهدي المنتظرعجل الله فرجه وذلك يعرف من الأطروحة التي تجسدت بها شخصية ا الامام العسكري عليه السلام اذ أخذت شخصيته تملأ قلوب العصاة ايمانا وإصلاحا بعد ان ملئت قلوبهم عصيانا وبغضا وعداء لأهل البيت عليهم السلام

وكذلك الإمام المنتظر عجل الله فرجه يخرج فيملئ عدلا وقسطا بعد ان ملئت ظلما وجورا


نسألكم الدعاء

توقيعي


قم وانع من هو بالطفوف قتيل .. وانثر دموعك فالمصاب جليل
واعلن حدادك وارتدِ ثوب الأسى .. فالحزن في ليل الحسينِ طويلِ

عظم الله أجوركم ~
الفئة: مقالاتي | أضاف: الاستاذ-فوزي-الاسدي (2011-02-12)
مشاهده: 508 | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]
ارشيف سجلات المدون
فيويو سماحة العميد
Block content
المشاركه معنا